قصة غزوة قصر الثعابين - حرب الجن
وحرب ( الامام علي بن أبي طالب عيه السلام ) مع الجن
.................
(روى عماربن ياسر رضي الله عنه ) بينما كان الإمام علي عليه السلام جالساً بين أصحابه إذ دخل عليه جماعة من العرب فقالوا يا أبا الحسن يوجد قصر في أرضنا يقال له قصر الثعابين فيه ثعبان عظيم قد منع الناس من المرور وعطّل أشغالهم بعد أن افترس منهم أناساً كثيرين، فلما سمع الإمام ذلك قال للمقداد وخالد وقتادة سيروا إلى قصر الثعابين مع بعض الفرسان واقضوا على الثعابين التي هناك ثم جهزهم الإمام و جعل المقدم عليهم خالد بن الوليد فساروا إلى أن وصلوا إلى قرب القصر فرأوا الدخان قد خرج من القصر وملأ الجو حتى وصل إليهم و كاد يعمي أبصارهم ثم خرج منه ثعبان عظيم جفلت منه الخيل ثم ولت هاربة فردوا عنانها
وعادوا في طريقهم إلى أن وصلوا إلى الإمام فلما رآهم قال ما وراءكم ؟
فإني أرى وجوهكم متغيرة فقال خالد يا أمير المؤمنين عندما ظهر الثعبان جفلت الخيل وولت هاربة ولم يقدر أحدٌ منا أن يدنو من القصر
فقال الإمام كنت ذهبت معكم إلى القصر غير أني لا أحارب حتى يأذن لي رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم كتب كتاباً وقال لعمرو بن أمية الضميري
أوصل هذا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال عمرو ادع لي أن يطوي الله لي الأرض فقال الإمام لك ذلك فهيئ نفسك وأسرع بالذهاب
فمضى عمرو إلى خيمته و أخذ معه ما يحتاج في سفره ثم عاد إلى الإمام فأخذ منه و سار إلى النبي صلى الله عليه واله وساعتها هبط الأمين جبرائيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه واله و قال السلام عليك يا محمد، الله تعالى يقرئك السلام ويقول إن ابن عمك قد أرسل إليك عمرو بن أمية يستأذنك في شخص من الجن في صورة ثعبان وقد شرَّد القبائل من حوله ولا يقدر أحد أن يقرب منه و معه خمسون ألف جني على صورة الوحوش والثعابين فأذن لابن عمك أن يسير إليهم بسيفه ذي الفقار ويتلو عليهم آيات تحرسه من شرورهم ثم عرج جبريل إلى السماء أما النبي صلى الله عليه واله فدخل على زوجته أم سلمى .. ووقف في محرابه يصلي ويدعو الله ان ينصر علياً على الجن في قصر الثعابين وبينما هو كذلك إذ دخل عليه عمرو وقبل ويسلمه كتاب الإمام .. وإذا مكتوب فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم " ((من علي بن أبي طالب إلى ابن عمه محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد فإني أشرفت على قبيلة عامر بن الحجاج و دعوته إلى طاعة الله وطاعة
ورسوله فأبى فأخت منه و من أصحابه حق الله و رسوله و قد أُخبرت أن على تخوم أرضهم قصر يقال له قصر الثعابين و فيه ثعبان عظيم لم يسمع السامعون
بأعظم منه و قد قتل الناس ومنع الطريق فأرسلت إليه خالد بن الوليد والمقداد وجماعة من المسلمين فلم يستطيعوا أن يقربوا منه
وانا اطلب الاذن منك يا رسول الله أن أسير إليه وادعُ الله لي أن أنتصر عليه وأخلص الناس من شره والسلام عليكم و رحمة الله))
عند ذلك أمر النبي صلى الله عليه واله كتب كتاباً يقول فيه:
((أما بعد فقد وصل كتابك و فهمت خطابك وقد أخبرني المولى تعالى بانتصارك على أعداء الله وهو يأمرك أن تسير إلى قصر الثعابين
وتهجم عليهم وهم مردة من الشياطين وعددهم خمسون ألفاً في صورٍ مختلفة .. ففرق شملهم بتلاوة القرآن
وازجرهم بالآيات المحرقة وخذ معك من أصحابك فئة تساعدك وإن الله سبحانه وتعالى وكلّ بكم ملائكته يكونون معكم ويساعدونكم على أعدائكم والله ناصركم والسلام عليكم)).
ثم ناول إلى عمرو فأخذه و قبله و دعا له النبي بقرب المسافة فجعل يجد السير إلى أن وصل إلى الإمام و ناوله فأخذه منه
وفتحه فقرأه ثم قال سمعاً وطاعة لله ورسوله، ثم أمر بإحضار عمار بن ياسر والزبير بن العوام وقيس بن سعد وسعد بن عبادة وسعد بن زياد وخالد بن الوليد
فلما حضروا قال لهم اركبوا خيلكم وتقلدوا سيوفكم ففعلوا ذلك ثم امتطى الإمام عليه السلام فرساً شقراء كانت لرسول الله صلى الله عليه واله
وعقد على رأسه راية حمراء مكتوب عليها نصر من الله و فتح قريب و ساروا إلى قصر الثعابين حتى قربوا منه فأمرهم الإمام بالنزول فنزلوا
وجلس الإمام و جلس أصحابه حوله ، قال عمار بن ياسر بينما نحن جلوس لأخذ الراحة إذا بالنار تخرج من القصر وهي ترتفع وترمي بشررها فتحرق ما حولها
وكان الجمر يتجه نحونا وقد اقتربت النار منا ولحقنا وهجها حتى سال منا العرق واشتد بنا الكرب والعطش وشردت الخيل منا
فصاح بها الإمام عليه السلام أيتها الخيل ارجعي بإذن الله تعالى وأطيعي ابن عم رسول الله صلى الله عليه واله فرجعت الخيل وهي تصهل حتى وقفت بين يديه
فقال اركبوا خيولكم ولا تخافوا من نار الجان ومن شرورهم وقبائحهم فإنها سوف تتلاشى بإذن الله و بفضل آياته العظيمة،
وفجأة خرج من القصر دخان كثير اسود منه الأفق و ضاقت منه الأنفاس فلم ينظر الإنسان منا صاحبه فثبتنا في مكاننا والإمام عليه السلام يتلو آيات من كتاب الله
حتى انجلى الدخان وظهر القصر للعيان فكان الإمام يفكر كيف يقتحم النيران و يدخل القصر وينتصر على مردة الجن ثم قال للزبير بن العوام كن عن يميني
وقال لمالك ابن الاشتر كن عن شمالي ثم قال لأصحابه ستعدوا للجهاد يرحمكم الله وأكثروا من التكبير وتلاوة الآيات واتبعوني وكان سيفه ذو الفقار بيمينه ودرقته بشماله
وهو كأنه الأسد ثم صاح صيحة عظيمةً ارتج البرّ منها وخرج على أثرها عفريت من الجان يخرج النار من شدقيه وصاح بنا صيحة هائلةً فأجابته أصوات مختلفة اللغات
واللهجات من كل جانب وهجموا علينا يريدون أن يحرقونا بنيرانهم فقرأ الإمام بسم الله الرحمن الرحيم رب طه و ياسين إني أزجركم بسورة الصافات وتبارك والأعراف
وبالذي لا إله إلا هو خالق الليل والنهار، قال عمار وبدأت الأحجار وشرر النار تتساقط علينا والإمام عليه السلام يردها عنا وعن نفسه وقد خاف علينا
وقال اثبتوا في مواقعكم فإني سأقابلهم وحدي فإن سلمت فذلك من فضل الله و إن دنت الوفاة فبلغوا سلامي للحبيب المصطفى ولفاطمة الزهراء و لولدينا الحسن والحسين
فقال له أصحابه نحن نفديك بأنفسنا وأرواحنا بين يديك
فقال اثبتوا في مواقعكم ولا تغادروها فإنها محفوظة ومحروسة بإذن الله ثم وثب الإمام متخطياً النيران بشجاعة إلى أن بلغ القصر
وسمعناه يقول ((إلهي وسيدي ومولاي أنت تعلم أن جهادي في رضاك وطاعتك فانصرني على أعدائك))
فرفع المسلمون أيديهم إلى الله مبتهلين إليه بالنصر و قالوا آمين ونادى قال عمار قائلاً للامام علي عليه السلام يابن عم رسول الله
أنت تعلم محبتك في قلوبنا وإني والله لا أحب الحياة بعدك فأذن لي أن أكون معك فقال الإمام على الرحب يا عمار ولكن بشرط ألا تجذب سيفاً ولا تضرب به
فإذا أهمك أمر فأكثر من الصلاة على محمد وال محمد قال عمار فلما قربنا من الباب شعرت أن الأرض تهتز تحت أقدامنا ثم خرج علينا لسان من النار أصابتني شعلة منها
فأطفأها الإمام رضي الله عنه ولو لم يطفئها لأحرقتني ثم قال يا عمار ارجع إلى أصحابك خير لك
فقلت كيف أجتاز النار وأصل إلى أصحابنا سالماً فقال الامام عليه السلام أنا أصدها عنك يقول عمار فرجعت وسمعته يقول يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فأنفذوا لا تنفذون إلا بسلطان فوثبت أتخطى النار
حتى لحقت أصحابي فغشي علي فسقطت على وجهي فلما أفقت من غشيتي و هدأت من روعي قلت ما فعل الإمام عليه السلام فقال المقداد كان الإمام يجتاز النار والأحجار تسقط عليه وهو كأنه الأسد غير هياب من شيء و كان ذو الفقار في كفه مثل الرعد القاصف
يضرب به الجن فترتجف قلوبهم من هول ضربته ثم اختفى الإمام عنا فلم نعد نراه أو نسمع صوته فرفعنا أيدينا إلى الله قائلين اللهم لاتفجع به قلب نبيك محمد صلى الله عليه واله
ثم تكاثف الدخان وانتشر إلى وجه الأرض حتى لم نعد نرى أنفسنا فقال الزبير علينا أن ندخل القصر ونحارب مع الإمام و نفديه بأرواحنا
فسرنا إلى القصر فخرج علينا ثعبان هائل المنظر له دوي كدوي الرعد فخفنا منه وهربنا من بين يديه فلحقنا وسلط علينا ألسنة النيران فاحترقت قوائم خيلنا و كدنا نحترق لو لم نسرع و ننجُ بأرواحنا فبينما نحن كذلك سمعنا صوتاً من الجبل يقول أدركوا صاحبكم وخلصوه من الموت فعرفنا أنه صوت إبليس اللعين
قال أنس بن مالك بينما كانت فاطمة الزهراء نائمة كشف الله عن بصرها فرأت القصر وأهواله ورأت الإمام عليه السلام وقد أحاطت به الجن من كل جانب
يقذفونه بالأحجار ويصلونه بألسنة النيران فانتبهت مذعورة خائفة وصاحت يا فضة اذهبي إلى النبي صلى الله عليه واله وقولي له أدرك ابنتك فاطمة قبل أن تفارق الحياة فخرجت فضة إلى النبي وقالت يارسول الله له أدرك فاطمة فوثب وهو يقول ما شأنها هل أفزعها أحد أو أخافها ودخل على فاطمة فرآها قد بللت ثيابها بدموعها فلما رأته قالت له كن لعلي ناصراً ومعيناً فقال لها ما الذي يبكيك يا حبيبة أبيك فقالت لقد كشف الله عن بصري فرأيت علياً وحيداَ وقد دارت به مردة الجن والشياطين وبيده ذو الفقار وهو في جهد جهيد وكرب شديد
وأصحابه بعيدون عنه وهو يجاهد وحده ويلقى الأهوال وكأنه يقول يا فاطمة قولي لأبيك أن يلحقني ويساعدني فإني في هول عظيم وكرب عظيم فأدرك علياً
فقال صلى الله عليه واله يا فاطمة إني منتظر نزول الوحي من السماء، و قد بكى الحسن و الحسين وقالا لجدهما رسول الله خذنا لأبينا حتى نراه
وما أتما كلامهما حتى هبط جبريل عليه السلام و هو يقول:
يامحمد الله تعالى يقرئك السلام ويقول آمن فاطمة فإني مؤيد علياً وناصره بملائكتي المقربين ومرجعه لها سالماً غانما،ً
ثم دعا النبي صلى الله عليه واله اللهم انصر علياً واكشف لي عن بصري حتى أراه فكشف الله عن بصره فرأى علياً وقد أحاطت به الجن و الشياطين
وهو يضرب بهم يميناً وشمالاً وإذا بثعبان كبير يهجم على الامام علي يريد أن يبتلعه فصاح النبي صلى الله عليه وسلم يا علي الثعبان الكبير على يمينك
فسمع الإمام صوت النبي وصاح صيحة اهتز لها البر وذهل لها الثعبان وقد لمع ذو الفقار كالبرق الخاطف مع صيحة الإمام وهوى على الثعبان فقطعه نصفين
فخمدت بموته النيران و انقطع الدخان و ظهرت الجن بصور شتى والإمام يحاربهم بسيفه البتار ولما تم النصر للإمام علي عليه السلام على الجن
صاحوا ارفع عنا سيفك أيها الإمام فقال لن أرفعه عنكم حتى تقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ( فاسلموا جميعهم )
ففرح الإمام بإسلامهم فرفع عنهم السيف فسر النبي صلى الله عليه واله بسلامة الامام علي السلام وبإسلام الجن على يديه
وقد خرج الإمام عليه السلام إلى أصحابه يبشرهم بالانتصار العظيم على الجن وعلى الثعبان الهائل ثم ركب هو وأصحابه وذهبوا في طريق المدينة
وراية النصر والفخر ترفرف فوق رؤوسهم و لما وصلوا إلى المدينة خرج الناس جميعاً إلى استقبالهم و في مقدمتهم الحسن والحسين عليهما السلام
فاحتضنهما الإمام يقبلهما ويقبلان يده الكريمة و يفرحان بعودته سالماً هذا ما انتهى إلينا من غزوة قصر الثعابين.
مع تحياتى مدونة علامات ظهور المهدي
تعليقات