المهدي المنتظر من مصر
مصر في عصر ظهور الإمام المهدي (
علية السلام ))
وردت عدة أحاديث عن مصر في عصر
ظهور الإمام المهدي (رضى الله عنة ) وفيها أحاديث ضعيفة ، وفيها ما يتعلق بحركة
الفاطميين ودخولهم الى مصر وقد خلطها بعضهم بأحاديث خروج السفياني وظهور المهدي (رضى
الله عنة ) .
لكن بعض أحاديثها صحيح ، وهو
يمدح نجباء مصر وأنهم وزراء للإمام المهدي ( علية السلام )) ومنها ما يذكر أن
الإمام (رضى الله عنة ) سيجعل مصر منبراً عالمياً للإسلام.
وقد عقدنا لها فصلاً في:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي ( علية السلام )) .
نجباء مصر وزراء الإمام المهدي
( علية السلام ) ))
وقد روت حديث نجباء مصر مصادر
الطرفين .
فمن مصادرنا: غيبة الطوسي/284
: «عن جابر الجعفي، عن الإمام الباقر قال:
يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاث مائة ونيف عدة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل
مصر، والأبدال من أهل الشام ، والأخيار من أهل العراق ، فيقيم ما شاء الله أن يقيم ».
وفي دلائل الإمامة للطبري،
بسنده عن أمير المؤمنين (رضى الله عنة ) قال:« قال رسول الله(صل الله وعلية وسلم ):يا
علي، عشر خصال قبل يوم القيامة ، ألا تسألني عنها؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال:
اختلافٌ وقتل أهل الحرمين ، والرايات السود وخروج السفياني ، وافتتاح الكوفة
، وخسف بالبيداء ، ورجل منا أهل البيت يبايع له بين زمزم والمقام ، يركب إليه
عصائب أهل العراق ، وأبدال الشام ، ونجباء أهل مصر، ونصير أهل اليمن ، عدتهم عدة
أهل بدر ».
وفي الإختصاص
للمفيد/208: «عن حذيفة قال:سمعت رسول الله(صل الله وعلية وسلم )يقول: إذا كان عند
خروج القائم ، ينادي مناد من السماء: أيها الناس قُطع عنكم مدة الجبارين ، وولي
الأمر خير أمة محمد فالحقوا بمكة .
فيخرج النجباء من مصر والأبدال
من الشام وعصائب العراق ، رهبانٌ بالليل ليوثٌ بالنهار ، كأن قلوبهم زبر الحديد ،
فيبايعونه بين الركن والمقام .
قال عمران بن الحصين: يا رسول
الله صف لنا هذا الرجل ، قال: هو رجل من ولد الحسين كأنه من رجال شنوءة ، عليه
عباءتان قطوانيتان ، إسمه إسمي ، فعند ذلك تفرح الطيور في أوكارها ، والحيتان في
بحارها، وتمُد الأنهار ، وتفيض العيون ، وتُنبت الأرض ضعف أكلها ، ثم يسير ،
مقدمتُه جبرئيل ، وساقته إسرافيل ، فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً
وظلماً
».
ومجمع البيان:4/398 ،وإثبات
الهداة:3/621، ونحوه عقد الدرر للسلمي/83 .
ورواه ابن حماد في
الفتن:1/356:«قادة المهدي خير الناس ، أهل نصرته وبيعته ، من أهل كوفان ، واليمن ،
وأبدال الشام .
مقدمته جبريل وساقته ميكائيل ،
محبوب في الخلائق ، يطفئ الله تعالى به الفتنة العمياء ، وتأمن الأرض ، حتى إن
المرأة لتحج في خمس نسوة ما معهن رجل.
لايتقي شيئاً إلا الله تعطي
الأرض زكاتها والسماء بركتها ».
وفي سنن الداني/104 ، بسنده عن
حذيفة قال: «قال رسول الله(صل الله وعلية وسلم ).
بنحو حديث الإختصاص ، وفيه: «
فقام عمران بن الحصين الخزاعي فقال: يا رسول الله كيف لنا بهذا حتى نعرفه ؟ فقال:
هو رجل من ولدي كأنه من رجال بني إسرائيل ، عليه عباءتان قطوانيتان ، كأن وجهه
الكوكب الدري في اللون ، في خده الأيمن خال أسود ، ابن أربعين سنة ، فيخرج الأبدال
من الشام وأشباههم، ويخرج إليه النجباء من مصر ، وعصائب أهل المشرق وأشباههم ، حتى
يأتوا مكة فيبايع له بين زمزم والمقام.
الخ.
وفردوس الأخبار للديلمي:5/523
ح 8963 ، بعضه ، كما في الداني .
وتفسير الطبري:15/17 ، بعضه ،
عن حذيفة ، كما في الداني .
والفائق للزمخشري:1/87 ،
وتهذيب ابن عساكر:1/62، و63، و96، وفيه: « عن علي (رضى الله عنة ) : الأبدال من
الشام ، والنجباء من أهل مصر ، والأخيار من أهل العراق».
« قبة الإسلام بالكوفة ،
والهجرة بالمدينة ، والنجباء بمصر ، والأبدال بالشام، وهم قليل».
أقول: هذه فضيلة كبيرة لمصر
وأهلها، لأن أصحاب المهدي (رضى الله عنة ) الخاصين لهم مقام عظيم ، فهم ممدوحون
على لسان النبي(صل الله وعلية وسلم )وأهل بيته (رضى الله عنة ) .
وهم في دولة العدل الإلهي حكام
في العالم .
وفي تاريخ بغداد:3/289: « عبيد
الله بن محمد العيشي قال: سمعت الكتاني يقول: النقباء ثلاث مائة ، والنجباء سبعون
، والبدلاء أربعون ، والأخيار سبعة ، والعُمَد أربعة ، والغوث واحد .
فمسكن النقباء المغرب ، ومسكن
النجباء مصر ، ومسكن الأبدال الشام ، والأخيار سياحون في الأرض ، والعمد في زوايا
الأرض ، ومسكن الغوث مكة ، فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء ،
ثم النجباء ، ثم الأبدال ، ثم الأخيار ، ثم العمد ، ثم أجيبوا وإلا ابتهل الغوث،
فلايتم مسألته حتى تجاب دعوته»وتاريخ دمشق:1/300، والشعراني/178، والعجلوني:1/25،
والداني5/1092 .
وفي الفائق:1/87 ، وتهذيب ابن
عساكر:1/62، عن علي (رضى الله عنة ) :« قبة الإسلام بالكوفة ، والهجرة بالمدينة ،
والنجباء بمصر ، والأبدال بالشام وهم قليل» .
أقول: هذا فضيلة كبيرة لمصر
وأهلها ، لأن أصحاب المهدي (رضى الله عنة ) الثلاث مئة وثلاثة عشر لهم مقام عظيم ،
فهم ممدوحون على لسان النبي وأهل بيته(صل الله وعلية وسلم ).
وهم وزراء المهدي (رضى الله
عنة ) وحكام العالم في دولة العدل الإلهي.
وفد مصر الذي يحمل البيعة
للإمام المهدي ( علية السلام ))
في الإرشاد/360: « عن الإمام
الرضا (رضى الله عنة ) قال: كأني برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات ، حتى تأتي
الشامات فتؤدى إلى ابن صاحب الوصيات ».
وفي رواية: تهدي البيعة .
وهذا الوفد غير النجباء من
أصحابه ، الذين يأتون اليه عند ظهوره في مكة .
ومعنى تؤدي اليه البيعة أو
تهديها: أنها تبايعه نيابة عن أهل مصر ، وهو إشارة الى أن حكومة موالية للمهدي (رضى
الله عنة ) تقوم في مصر .
أمير الأمرة في مصر سنة ظهور
المهدي ( علية السلام ))
روى النعماني في كتاب
الغيبة/283، بسنده عن عبيد الله بن العلاء ، عن الإمام الصادق (رضى الله عنة )
قال: « إن أمير المؤمنين (رضى الله عنة ) حدث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم
، فقال الحسين: يا أمير المؤمنين ، متى يطهر الله الأرض من الظالمين ، فقال أمير
المؤمنين: لايطهر الله الأرض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام ثم ذكر أمر بني
أمية وبني العباس في حديث طويل، ثم قال: إذا قام القائم بخراسان ، وغلب على أرض
كوفان والملتان ، وجاز جزيرة بني كاوان .
وقام منا قائم بجيلان ،
وأجابته الآبر والديلمان ، ظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الأقطار والجنبات ،
وكانوا بين هنات وهنات .
إذا خربت البصرة وقام أمير
الإمرة بمصر».
وتدل الفقرة الأخيرة على أن
حركة أمير الإمرة مؤيدة للإمام (رضى الله عنة ) ، وأمير الأمرة أي الأمير المطاع
من الجميع ، فهو قائدٌ لقادة ، وقد يكون صاحب رتبة في الجيش أو أنه
بعد نجاحه يكون حاكم مصر .
وقد جعل قيامه علامة لظهور الإمام
(رضى الله عنة ) ، فيكون قبله من مقدماته والتمهيد له ، أو مرافقاً لظهوره (رضى
الله عنة ) .
ويؤيد ذلك ذكر القائم بخراسان
وجيلان ورايات الترك بآذربيجان ، وقد ورد أنها في سنة ظهور الإمام (رضى الله عنة ) .
الإمام المهدي يدخل مصر
ويجعلها مركزه الإعلامي
روت مصادرنا عن علي (رضى الله
عنة ) أنه قال: «لأبنين بمصر منبراً ، ولأنقضن دمشق حجراً حجراً ، ولأخرجن اليهود
من كل كور العرب ، ولأسوقن العرب بعصاي هذه .
فقال الراوي وهو عباية الأسدي:
قلت له: يا أمير المؤمنين كأنك تخبر أنك تحيا بعدما تموت ؟ فقال: هيهات ياعباية ،
ذهبت غير مذهب .
يفعله رجل مني ، أي المهدي (رضى
الله عنة ) ».
(معاني الأخبار:406،
والإيقاظ/385 ).
وهو يشير الى معركة المهدي (رضى
الله عنة ) مع السفياني في دمشق ومن وراءه من اليهود ، فينتصر عليهم ويدخل القدس
كما نصت الروايات ، وأنه بعد انتصاره يُخرج اليهود من بلاد العرب ، ويجعل مصر
مركزاً إعلامياً عالمياً .
وقد وصفت خطبة رويت عن أمير
المؤمنين (رضى الله عنة ) تسمى خطبة المخزون ، حركة المهدي (رضى الله عنة ) وحروبه
، وذكرت دخوله الى مصر ، وهي خطبة طويلة رواها الحسن بن سليمان في مختصر بصائر
الدرجات/195، وفي طبعة/210، وطبعة/519 ، عن السيد بن طاووس بسنده عن الإمام الصادق
(رضى الله عنة ) ، جاء فيها: «وإن لكل شئ إنّاً يبلغه ، لا يعجل الله بشئ ، حتى
يبلغ أناه ومنتهاه ، فاستبشروا ببشرى ما بشرتم به ، واعترفوا بقربان ما قرب لكم ،
وتنجزوا من الله ما وعدكم .
إن منا دعوة خالصةً ، يظهر
الله بها حجته البالغة، ويتم بها النعمة السابغة، ويعطى بها الكرامة الفاضلة، من
استمسك بها أخذ بحكمة منها ، آتاكم الله رحمته ومن رحمته نور القلوب ، ووضع عنكم
أوزار الذنوب ، وعجل شفاء صدوركم وصلاح أموركم ، وسلام منا لكم دائماً عليكم
تسلمون به في دول الأيام ، وقرار الأرحام أين كنتم ، وسلامه لسلامه عليكم في ظاهره
وباطنه
.
فإن الله عز وجل اختار لدينه
أقواماً انتجبهم للقيام عليه ، والنصرة له ، بهم ظهرت كلمة الإسلام ، وأرجاء مفترض
القرآن ، والعمل بالطاعة في مشارق الأرض ومغاربها.
إن أمرنا صعب مستصعب ن لا
يحتمله ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان.
لايعي حديثنا إلا حصون حصينة ،
أو صدور أمينة أو أحلام رزينة .
ياعجباً كل العجب بين جمادى
ورجب.
ألا أيها الناس سلوني قبل أن
تشرع برجلها فتنة شرقية ، وتطأ في خطانها بعد موت وحياة أو تشب نار بالحطب الجزل
غربي الأرض، ورافعة ذيلها تدعو يا ويلها ، بذحلة أو مثلها ، فإذا استدار الفلك
قلتم مات أو هلك ، بأي واد سلك ، فيومئذ تأويل هذه الآية: ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ
الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ.
ولذلك آيات وعلامات ، أولهن
إحصار الكوفة بالرصد والخندق ، وتحريق الزوايا في سكك الكوفة ، وتعطيل المساجد
أربعين ليلة ، وتخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر يشبهن بالهدى ، القاتل والمقتول
في النار ، وقتل كثير وموت ذريع ، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين ،
والمذبوح بين الركن والمقام.
ثم يسير إلى مصر فيعلو منبره ،
ويخطب الناس ، فتستبشر الأرض بالعدل ، وتعطى السماء قطرها ، والشجر ثمرها ، والأرض
نباتها ، وتتزين لأهلها ، وتأمن الوحوش حتى ترتعي في طرف الأرض كأنعامهم ، ويقذف
في قلوب المؤمنين العلم ، فلا يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من العلم.
فيومئذ تأويل هذه الآية:
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ
بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ .
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا
الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ .
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا
يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ .
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ
وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ .
فيمكث فيما بين خروجه إلى يوم
موته ثلاث مائة سنة ونيفاً ، وعدة أصحابه ثلاث مائة وثلاثة عشر ».
وهذا يدل على أن المهدي (رضى
الله عنة ) يحتل دمشق بعد معركة كبرى مع السفياني، ويكون اليهود متواجدين في عصره
في بلاد العرب ، فيخرجهم منها ، وأنه يجعل مصر مركز إعلامياً للعالم .
وروى في مختصر البصائر/210،
وصف علي (رضى الله عنة ) دخول الإمام المهدي (رضى الله عنة ) الى مصر واستقبال
أهلها له ، قال: «ويسير الصديق الأكبر براية الهدى.
.
.
ثم يسير إلى مصر فيعلو منبره
ويخطب الناس فتستبشر الأرض بالعدل.
.
».
كما تذكر رواية أن للإمام
المهدي (رضى الله عنة ) في هرمي مصر ، كنوزاً وذخائر من العلوم ، رواها الصدوق في
كتابه كمال الدين/564 ، عن أحمد بن محمد الشعراني ، الذي هو من ولد عمار بن ياسر
رضي الله عنه ، عن محمد بن القاسم المصري، قال: «إن ابن أحمد بن طولون شغَّل ألف
عامل في البحث عن باب الهرم سنة ، فوجدوا صخرة مرمر وخلفها بناء لم يقدروا على
نقضه ، وأن أُسْقُفاً من الحبشة قرأها، وكان فيها عن لسان أحد الفراعنة قوله:
«وبنيت الأهرام والبراني، وبنيت الهرمين وأودعتهما كنوزي وذخائري.
فقال ابن طولون: هذا شئ ليس
لأحد فيه حيلة إلا القائم من آل محمد(صل الله وعلية وسلم ).
ورُدَّت البلاطة كما كانت
مكانها».
وفي الرواية نقاط ضعف ، لكنها
تصلح مؤيداً .
الأبقع الذي تسانده مصر
ذكرت روايات حركة السفياني أن
الأبقع يخرج قبله على حاكم الشام الأصهب ، ويكون بينهما صراع ، ثم يأتي بالسفياني
من جهة حوران فيقاتلهما وينتصر عليهما ، ويسيطر على سوريا .
وورد في وصف الأبقع أن أنصاره
من مصر ، أو هو مصري الأصل .
ففي فتن ابن حماد/77 عن علي (رضى
الله عنة ) قال: « تخرج بالشام ثلاث رايات: الأصهب والأبقع من مصر ، فيظهر
السفياني عليهم ».
وفي تفسير العياشي(1/65): «وإن
أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات: الأصهب والأبقع والسفياني ».
وقال ابن حماد:1/285: « عن أرطاة
قال: إذا اجتمع الترك والروم ، وخسف بقرية بدمشق وسقط طايفة من غربي مسجدها، رُفع
بالشام ثلاث رايات: الأبقع والأصهب والسفياني ، ويحصر بدمشق رجل فيقتل ومن معه
ويخرج رجلان من بني أبي سفيان فيكون الظفر للثاني ، فإذا أقبلت مادة الأبقع من مصر
، ظهر السفياني بجيشه عليهم فيُقتل الترك والروم بقرقيسيا، حتى تشبع سباع الأرض من
لحومهم ».
والأبقع: في وجهه بقع.
والأصهب: إسم للأسد ، وصفة
للأصفر الوجه .
ومادة الأبقع: أنصاره .
والصحيح أن حركة الأبقع تكون
في الشام ، وهو مؤيد من مصر، أو أصله من مصر .
أما دخول جيش المغرب الى مصر ،
فينطبق على حركة الفاطميين ولا علاقة لها بظهور المهدي (رضى الله عنة ) .
وأحاديث السفياني قبيل ظهور
المهدي (رضى الله عنة ) متواترة ، لكن لم يثبت علاقتها بدخول المغربيين الى مصر .
وكذلك الروايات التي تتحدث عن
أزمة اقتصادية في الحجاز بسبب منع المواد التموينية عنها من مصر، فهي تخص القرون
الأولى ، حيث كانت مصر مصدر تموين الحجاز ، لكن الرواة خلطوها بأحاديث المهدي (رضى
الله عنة ) ، كما في مسند أحمد:2/262، عن أبي هريرة: قال رسول الله(صل الله وعلية
وسلم ):« مَنَعت العراق قفيزها ودرهمها ، ومَنَعت الشام مدها ودينارها ، ومَنَعت
مصر إرْدَبَّها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم «ثلاثاً» وقال: يشهد على ذلك لحم أبي
هريرة ودمه » ! والقفيز والمد والإردب: مكاييل للغلات .
ونحوه مسلم:4/2220 ، وأبو
داود:3/166، والبيهقي:9/137، ودلائل النبوة:6/329، كلها عن أبي هريرة .
وهي ترتبط بقطع التموين عن
الجزيرة يومذاك من العراق والشام ومصر .
ولعل من نوعها الرواية عن حاكم
مصر الذي يأتي بالروم ويبسط يدهم في حكمها ، رواها ابن المنادي/33: « عن أبي ذر
(رض) قال عن النبي(صل الله وعلية وسلم ): سيكون رجل من بني أمية بمصر يلي سلطاناً
ثم يغلب على سلطانه أو ينزع منه ، ثم يفر إلى الروم فيأتي بالروم إلى أهل الإسلام
، فذلك أول الملاحم».
وتهذيب ابن عساكر:4/147،
والجامع الصغير:2/63.
ومضافاً الى الإشكال في سندها،
فقد يكون حدثها وقع وانتهى ، ولا ينافي ذلك قوله: فذلك أول الملاحم ، فهو يستعمل
بمعنى أحداث ظهور المهدي (رضى الله عنة ) ، وقد يقصد به ملاحم في ذلك العصر.
والنتيجة: أنه لا يصح عد هذه
الروايات من علامات ظهور المهدي (رضى الله عنة ) ، مضافاً الى ضعفها وإرسالها .
كذبة كعب في أن الدجال من مصر
قال ابن حجر في فتح
الباري:13/277: «وأخرج أبو نعيم أيضاً من طريق كعب الأحبار أن الدجال تلده أمه
بقوص من أرض مصر قال: وبين مولده ومخرجه ثلاثون سنة ! قال: ولم ينزل خبره في
التوراة والإنجيل ، وإنما هو في بعض كتب الأنبياء .
وأخلق بهذا الخبر أن يكون
باطلاً ، فإن الحديث الصحيح أن كل نبي قبل نبينا أنذر قومه الدجال ، وكونه يولد
قبل مخرجه بالمدة المذكورة مخالف لكونه ابن صياد ، ولكونه موثوقاً في جزيرة من
جزائر البحر.
وأقرب ما يجمع به بين ماتضمنه
حديث تميم وكون ابن صياد هو الدجال ، أن الدجال بعينه هو الذي شاهده تميم موثوقاً
، وأن ابن صياد شيطان تبدَّى في صورة الدجال في تلك المدة ، إلى أن توجه إلى
أصبهان فاستتر مع قرينه إلى أن تجئ المدة التي قدر الله تعالى خروجه فيها » !
ثم اعترف ابن حجر بتناقض
أحاديثهم الصحيحة في الدجال فقال: «ولشدة التباس الأمر في ذلك سلك البخاري مسلك
الترجيح فاقتصر على حديث جابر عن عمر في ابن صياد ، ولم يخرج حديث فاطمة بنت قيس
في قصة تميم، وقد توهم بعضهم أنه غريب فرده وليس كذلك ، فقد رواه مع فاطمة بنت قيس
أبو هريرة وعائشة وجابر .
أما أبو هريرة فأخرجه أحمد من
رواية عامر الشعبي عن المحرز بن أبي هريرة عن أبيه بطوله ، وأخرجه أبو داود
مختصراً وابن ماجة عقب رواية الشعبي عن فاطمة ».
أقول: يقصد كعب أن الدجال الذي
هو ملك اليهود سيولد في مصر كموسى (رضى الله عنة ) ، ويقود بني إسرائيل !
وقد روى المسلمون قبل كعب أن
الدجال يهودي ، ففي مسند أحمد:3/224 ، قال أنس: «قال رسول الله(صل الله وعلية وسلم
): يخرج الدجال من يهودية أصبهان(محلة في أصفهان) معه سبعون ألفاً من اليهود ،
عليهم التيجان ».
ونحوه مسلم:8/207.
لكن كعباً جعل الدجال عربياً ،
وجعل أنصاره عرباً ! ففي مصنف ابن أبي شيبة:8/671، و:15/182: «كأني بمقدمة الأعور
الدجال ست مائة ألف من العرب يلبسون السيجان».
(والدر المنثور:5/354».
وفي كنى البخاري/65، وغيره ،
عن ابن عمر: «يتبع الدجال أربعون ألفاً من صلب العرب ».
ثم جعل كعب الدجال عراقياً ،
لأن أهل العراق وخاصة القبائل اليمانية كانوا يعرفون زيف كعب ويكذبونه ! فقال كعب
كما في عبد الرزاق:11/396: «يخرج الدجال من العراق» !
وقال كعب لعمر لما أراد أن
يسكن العراق: «لا تفعل فإن فيها الدجال ، وبها مردة الجن ، وبها تسعة أعشار السحر،
وبها كل داء عضال يعني الأهواء».
عبد الرزاق:11/251، والدر المنثور:5/354 .
وقد فصلنا حديث الدجال في معجم
أحاديث الإمام المهدي (رضى الله عنة ) .
وبينا أن حركته بعد ظهور
الإمام المهدي ونزول عيسى’، وبينا اضطراب روايات أتباع السلطة فيه وتناقضها .
والمشكلة عندهم أنها كلها
صحيحة ! فقد قال عمر إن الدجال هو ابن صياد المعاصر له ، وقال تميم الداري إنه رآه
موثقاً في جزيرة في البحر ، وقال كعب إنه في جزيرة باليمن موثق من زمن سليمان (رضى
الله عنة ) !
بغض كعب الأحبار لمصر وكذبه
عنها
نشط كعب الأحبار في نشر مدح
الشام وذم الحجاز ومصر والعراق ، وتحولت أقواله على يد تلاميذه الى أحاديث نبوية !
منها حديث ابن عمر أن النبي(صل الله وعلية وسلم )قال: «دخل إبليس العراق فقضى
حاجته ، ثم دخل الشام فطردوه ، ثم دخل مصر فباض فيها وفرخ ، وبسط عَبْقَريَّه» !
أي فرش بساطه ، واستقر في مصر !
(رواه الطبراني في
الأوسط: 6/286، والكبير:12/262، ووثقه في الزوائد:10/60).
وفي تاريخ دمشق:1/317 و318:
«ثم دخل الشام فطردوه حتى بلغ بُسَاق» وعقبة بُساق: في طريق الذاهب الى مصر! (معجم
البلدان:1/413).
وفي معجم الطبراني
الأوسط:6/286، والكبير:12/262، وتاريخ دمشق:1/99، عن إياس بن معاوية: قال رسول
الله(صل الله وعلية وسلم ): « إن الله تعالى قد تكفل لي بالشام وأهله ، وإن إبليس
أتى العراق فباض فيها وفرخ ، وإلى مصر فبسط عبقريه واتكأ ! وقال: جبل الشام جبل
الأنبياء ».
كما روى الحاكم:4/462 ، نبوءة
كعب وأحلامه بخراب مصر ، قال: «الجزيرة آمنة من الخراب حتى تخرب أرمينية ، ومصر
آمنة من الخراب حتى تخرب الجزيرة، والكوفة آمنة من الخراب حتى تخرب مصر، ولا تكون
الملحمة حتى تخرب الكوفة ، ولا تفتح مدينة الكفر حتى تكون الملحمة ، ولا يخرج
الدجال حتى تفتح مدينة الكفر» .
وكل هذا من مكذوباته ، ولعله
اتفق مع الروم فأشاع في المسلمين أنهم إذا فتحوا القسطنطينية فسيخرج الدجال ،
وتخرب مكة والمدينة ، وتخرب مصر وبلاد المسلمين !
وروى ابن حماد:1/236: «عن كعب
قال: رأس الأرض الشام وجناحاها.
ولا مصر والعراق والذنباء أي
الحجاز! وعلى الذنباء يسلح الباز » !
وهذا ذم يهودي خبيث لمصر
والعراق والحجاز مركو النبوة ! والعجيب أن رواة الخلافة وعلماء المذاهب ، قبلوه ، ولم يردوا عليه !
المصدر
تعليقات